الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر **
وألح عليهم بالقتال حتى سلموها بالأمان. فهدم المدينة والجامع. ووجه مع المسلمين عسكر حتى يبلغوهم مأمنهم. وفيها بعث أبو مسلم الخرساني مرارًا الضبي فقتل الوزير أبا سلمة الخلال حفص بن سليمان السبيعي مولاهم الكوفي وزير آل محمد. وفيه قيل هذا البيت: إن الوزيرَ وزير آل محمدٍ أودى فمن يشناك كان وزيرًا وفيها توفي أيوب بن موسى بن الأشدق عمرو بن سعيد الأموي المكي الفقيه. روى عن عطاء ومكحول. ومات بمكة داود بن علي بن عبد الله بن عباس. و كَان فصيحًا مفوّهًا. ولي إمرة المدينة. وروى عن جماعة أحاديث. وفيها وقيل سنة خمس سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم المصري كهلًا. يروي عن التابعين. وفيها عمار الدهني دهن بن معاوية من بحيلة أبو معاوية الكوفي. روى عن أبي الطفَيل وعدة. وفيها عيّاش بن عباس القتباني المصري. روى عن التابعين. وفيها مغيرة بن مقسم الضبي مولاهم الكوفيّ الفقيهُ الأعمى أحد الأئمة. روى عن أَبي وائل قال شعبة: كان أحفظ من حماد بن أبي سليمان. وقال مغيرة: ما وقع في مسامعي شيء فنسيته. ذكره أحمد بن حنبل فقال: ذكي حافظٌ صاحب سنة. وفيها أو في الماضية يحيى بن يحيى بن قيس الغساني سيد أهل دمشق في وقته. وقد ولي قضاء الموصل لعمر بن عبد العزيز. وأخذ عن أبي إدريس الخولاني وغيره. وكان ثقةَ إمامًا. ولا رواية له في الكتب الستة. سنة أربع وثلاثين ومائة فيها تحول الخليفةُ السفّاح عن الكوفة فنزل الأنبار. وفيها توفي بالبصرة أبو هارون العبديّ صاحب أبي سعيد الخدري. أحد الضعفاء. والفقيه يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقيّ. روى عن مكحول و طائفة. قال أَبو داود: أجازه الوليد بن يزيد مرةً بخمسين ألف دينار. وذكر للقضاء فإذا هو أكبر من القضاء. وعن ابن عيينَة قال: لا أعلم مكحولًا خلف بالشام مثل يزيد بن يزيد إِلا ما ذكره ابن جرَيح من وفيها توجّه من العراق موسى بن كعب إلى حرب منصور بن جمهور الكلبي الدمشقي حتى أتى السّند فالتقى منصورًا في اثني عشر ألفًا. فهُزم منصورٌ ومات في البرية عَطَشًا. وكان قَدَريًّا. سنة خمس وثلاثين ومائة فيها توفي أبو العلاء بُرد بن سنان الدمشقي نزيلُ البصرة. روى عن وِاثلة فمن بَعده. وداود بن الحصين المدني مولى بني أمية. روى عن عكرمة و جماعة. وفيها على الأصح أبو عقيل زهرَةُ بن معبد التميي بالاسكندرية عن سن عالية. قال الدارمي: زعموا أنه كاَن من الأبدال. قلتُ: روىَ عن ابن عمرو ابن الزبير. وفيها على الأصح. عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم الأنصاري المدني شيخ مالك والسفيانين. روى عن أنَس وجماعة. وكان كثير العلم. وفيها عطاءُ الخراساني نزيل بيت المقدس. وهو كثير الإِرسال عن الصحابة. وإنما سمع من ابن بريدة والتابعين وَولد سنة خمس. وكان يقول: أوثق عمل في نفسي نشر العلم.
وكان يعظنا ويحثنا على التهجد. سنة ست وثلاثين ومائة فيها توفي الأشعَت بن سوار الكندي الأفرق النجار بالكوفة. لقي الشعبي ونحوه. وجعفر بن ربيعة الكِندي المصريَ. له عن أبي سامة والأعرج وطائفة. وحصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي الحافظُ على ثلاث وتسعين سنة. لقي جابر بن سمُرة والكبار. وربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ الفقيه أبو عثمان المدنيّ. عالم المدينة. ويقال له ربيعة الرأْي. سمع أنَسًا وابنَ المسيب وكانت له حَلقةٌ للفتوى أخذ عنه مالك. وفيها زيدُ بن أسلم العَدوي مولاهم الفقيهُ العابد. لقي ابنَ عمر وجماعةَ وكان له حلقةّ للفتوى والعلم بالمدينة. قال أبو حازم الأعرج: لقد رأيتنا في حلقة زيد بن أسلم أربعين فقيهًا أدنى خصلة فينا التواسي بما في أَيدينا. ونقل البخاري أن زين العابدبن علي بن الحسين كان يجلس إلى زيد بن أسلم. روى عن عبدالله بن بسر وطائفة. وكَان ثقة مفتيًا جليلًا. وفيها عبد الملك بن عمير اللخمي الكوفي عن مائة وبضع سنين. رأى عليًا رضي الله عنه. وروى عن عدي بن حاتم والكبار وولي قضاء الكوفة. وفيها عطاءُ بن السائب بن مالك الثقفي الكوفي الصالح. روى عن عبد الله بن أبي أوفى وطائفة. قال أحمد بن حنبل: وهو ثقة رجل صالح كان يختم كل ليلةٍ. من سمع منه قديمًا كان صحيحًا. وفيها يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي. سمع أنسًا وجماعة. قال ابن سعد: له أحاديث وكان صاحب قرآن وعربية. وفي ذي الحجة مات أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي بالأنبار عن اثنتين وثلاثين سنة. وهو أول خلفاء بني العباس. وكان طويلًا أبيض جميلًا حسن اللحية. مات بالجدري. وكانت دولته دون الخمس سنين. وفي أيامه تفرقت الكلمة وخرج عن طاعته الناحية الغربية من بلاد السودان وإقليم الأندلس. وتغلبت على هذه الممالك خوارج وجماعة. وولي بعده أخوه أبو جعفر المنصوِر.
وفي أولها بلغ عبد الله بن علي موت ابن أخيه السفاح فدعى بالشام إلى نفسه. وعسكر بدابق وزعم أن السفاح عهد إليه بالأمر. وأقام شورًا بذلك. فجهز المنصور لحربه أبا مسلم الخراساني. فالتقى الجمعان بنصيبين في جمادى الآخرة. فاشتد القتال. ثم انهزم جيش عبد الله وهرب هو إلى البصرة وبها أخوه وحاز أبو مسلم خزائنه وكانت شيئًا عظيمًا لأنه استولى على جميع نعمة بني أمية فبعث المنصور إلى أبي مسلم: أن احتفظ بها في يدك فصعب ذلك على أبي مسلم وعزم على خلع المنصور. وسار نحو خراسان فأرسل إليه المنصور يستعطفه ويمنيه وما زال به حتى وقع في براثنه فأقدم على قتله. وفي شعبان قتل أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم صاحب دعوة بني العباس ومنشىءُ دولتهم. وكان قد دخل خراسان على بهيمة وهو شابٌّ طري له ذؤابة فما زال يتحيل بإعانة وجوِه شيعة بني العباس ونقبائهم حتى توثب على مرو ومَلَكَهَا. وحاصل الأمر أنه خرج من خراسان بعد أَن حكم عليها وضبطها. فقاد جيشًا هائلًا ومهد لبني العباس بعد أن قتل خلقًا لا يحصون محاربة وصبرًا. وكَان حجاج زمانه. وفيها وقيل في غيرها توفي خصيف بن عبد الرحمن الجزَري الحراني. روى عن مجاهد وسعيد بن جبير. وفيها أو في التي تليها منصور بن عبد الرحمن العبدري الحجبي المكي. ولد صفية بنت شيبة. قال ابن عيينة: كان يبكي عند كل صَلاة. فكانوا يرون أنه يذكر الموت. وفيها يزيد بن أبي زياد الكوفي عن نحو تسعين سنة. روى عن مولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي وطائفة. وهو لين الحديث. روى له مسلم مقرونًا بآخر. وفيها قُتل أحد الأشراف بدمشق وهو عثمان بن سراقة الأزدي. وكان قد توثب عند موِت السفاح وسب بني العباس على منبر دمشق. وأقام في الخلافة هاشم بن يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية الأموِي. فبغتهم مجيء صالح عم السفاح فلم يَقو لحربه. واختفى هاشم وضربت عنقُ ابن سراقة. سنة ثمان وثلاثين ومائة فيها أقبل طاغية الروم قسطنطين بن اليون بن قسطنطين في مائة الف حتى نزل بدابق. فالتقاه صالح بن علي عم المنصور فهزمه. وللَه الحمد. وفيها توفي زَيد بن واقِد الدمشقي. روى عن جُبير بن نفَير وكثير ابن مرة وخلق. وفيها أبو شبل العلاءُ بن عبد الرحمن بن يعقوب المدني مولى الحرقَة. روى عن أبيه وأَنس وطائفة. قال أبو حاتم: ما أنكر من حديثه شيئًا. وفيها ليث بن أبي سليم الكوفي. ورخه فطَين وسيعاد. سنة تسع وثلاثين ومائة فيها سار عسكر المنصور فنزلوا مَلَطية. وهي خراب فزرعوا أرضها وطبخوا كلسًا لبنائها ورجعوا فبعث طاغية الروم من حرق الزرع. وفيها توفي خالد بن يزيد المصري الفقيه كهلًا. يروى عن عطاء والزهريَ وطبقتهما. ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني الفقيه الأعرجِ يروي عن شرَحبيل بن سعد وطبقته من التابعين. ويونس بن عبيد شيخ البصرة رأى أنَسًا وأخَذَ عن الحسن وطبقته. قال سعيد بن عامر الضبعي: ما رأَيت رجلًا قط أفضل منه. وأهل البصرة على ذاك. وقال أبو حاتم: هو أَكبر من سليمان التيمي. ولا يبلُغ سليمان منزلته. سنة أربعين ومائة فيها نزل جبريل بن يحيى الأمير من جهة صالح بن علي مرابطًا بالمصيصة. فأقام بها سنة حتى بناها حصنها. وفيها توفي فقيه واسط أبو العلاء أيوب بن أبي مسكين القصاب كهلًا. أخد عن قتادة وجماعة. وفيها داود بن أبي هند البصري الفقيه. وكان حافظًا مفتيًا نبيلًا. روى عن سعيد بن المسيب وأبي العالية. وفيها أبو حازم سلمة بن دينار المدني الأعرج. عالم أهل المدينة وزاهدهم وواعظًهم. سمع سَهل بن سَعد وطائفة. وكان أشقر فارسيًا. وأمه رومية. وولاؤه لبني مخزوم. قال ابن خزيمة: ثقة لم يكن في زمانه مثله. له حكم ومواعظ. وفيها أبو يزيد سهَيل بن أبي صالح السمان المدني. روى عن أبيه وطبقته. وكَان كثير الحديث تقةً مشهورًا. أخد عنه مالك والكبار. وفيها عمارة بن غَزية المازني المدني. يروي عن الشعبي وطبقته. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. روى عن عبد الله بن عمرو والكبار. وذكر إسماعيل بن عياش أنه أدرك سبعين صحابيًا. وقال غيره: كان عمرو بن قيس أميرًا من دولة عبد الملك بن مروان. وكان سيد أهل حمص وشريفهم. ولي غزو الروم لعمر بن عبد العزيز. سنة إحدى وأربعين ومائة قال المدائني: فيها ظهرت الريوندية. وهم قوم خراسانيون على رأي أبي مسلم صاحب الدعوة يقولون بتناسخ الأرواح وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم المنصور وأن الهيثم بن معاوية جبريلُ. فأتوا قصر المنصور وطافوا به فقبض على مائتين من كبارهم. فغضب الباقون وحفوا بنعشٍ وحملوا هيئة جنازة. ثم مروا بالسجن فشدوعلى الناس وفتحوا السجن وأخرجوا أصحابهم. وقصدوا المنصور في ست مائة مقاتل. فأغلق البلد وحاربهم العسكُر مع مَعْن بن زائدة. ثم وضعوا فيهم السيف. وأصيب عثمان بن نهيك الأمير. فاستعمل المنصور مكانه على الحرس أخاه عيسى. وكان ذلك بالهاشمية. فحدثني أبو بكر الهذلي قال: اطلع المنصور فقال رجل إلى جانبي: هذا رب العزة الذي يطعمنا ويرزقنا. وأقام الحج صالح بن علي أمير الشام. وفيها توفي موسى بن عقبة المدني صاحبُ المغازي. روى عن أم خالد بنت خالد الأموية ولها صُحبة. قال الواقدي: وكان مُوسى فقيهًا يُفتي. وفيها أو في التي تليها. أبو إسحاق الشيباني الكوفي سليمان بن فيروز ويُقال بن خاقان من مواليهم. سمع عبد الله بن أبي أوفى وطائفة. وفيها موسى بن كعب التميمي المروزي. أحد نقباء بني العباس الاثني عشر. وولي إمرة مصر سبعة أشهر. ومات فيها أبان بن تغلب الكوفي القارىء المشهور. وكان من ثقات الشيعة. يروى عن الحكم وطائفة. سنة اثنتين وأربعين ومائة فيها عزل عن مصر محمد بن الأشعث ووليها حميد بن قحطبة. وولي الجزيرة والثغورعباس أخو المنصور. وفيها توفي خالد الحذاء البصري الحافظ. يروي عن كبار التابعين وقد رأى أنسًا. وكان يجلس وفيها الأمير سليمان بن علي عم المنصور. وكان جوادًا ممدحًا بلغت عطاياه في المواسم خمسة آلاف ألف درهم. وولي إمرة البصرة وعاش ستين سنة. وفيها عاصُم بن سُليمان الأحول أحدُ حُفاظِ البصرة. روى عن عبد الله بن سرجس وأنس وطائفة. وفيها أو في سنة ثلاثٍ عمرو بن عُبيد البصري الزاهد العابد المعتزلي القدري. صَحب الحسن ثم خالفه. واعتزل حلقته فلذا قيل المعتزلي. وفيها محمد بن أبي إسماعيل الكوفي. روى عن أنس وجماعة. قال شريك: رأيت أولاد أبي إسماعيل أربعة وُلدوا في بطن واحد وعاشوا. وفيها أبو هانئ حميد بن هانئ الخولاني المصري. روى عن علي بن رباح وعدة. وأدركه ابن وهب. سنة ثلاث وأربعين ومائة فيها ثارت الديلُم وبَدَعوا وقتلوا خلائق من المسلمين. فانتُدب الناس لغزوهم. وفيها سار الأمير محمد بن الأشعث إلى المغرب فالتقى الأباضية وهَزَمَهم وقُتل زعيمهم أبو الخطاب في المصاف. وفيها على الصحيح حميد الطويل واسم أبيه أبي حميد تيرويه. أحد الثقات التابعين البصريين. قان قائمًا يصلي فسقط ميتًا. سمع أنسًا وطائفة وكنيته أبو عبيدة. وفي ذي القعدة سليمان بن طرخان أبو المعتمر التيمي. أحد علماء البصرة وعبادها سمع أنسًا وطائفة. قال شعبة: كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه تغير لونه. وما رأيت أصدق منه. وقال المعتمر: مكث أبي أربعين سنة يصوم يومًا ويفطر يومًا ويصلي الفجر بوضوء العشاء. وعاش سبعًا وتسعين سنة. وفيها على الأصح ليث بن أبي سليم الكوفي. يروي عن مجاهد طبقته. وكان أحد الفقهاء. قال الفضيل بن عياض: كان أعلم أهل بلده بالمناسك. وقال الدراقطني: كان صاحب سنة إنما أنكروا عليه جمعه بين عطاء وطاوس ومجاهد. وفيها مطرف بن طريف الكوفي الحارثي الزاهد. روى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وجماعة. وفيها يحيى بن سعيد الأنصاري المدني الفقيه أبو سعيد. أحد الأعلام. ولي قضاء المنصور ومات بالهاشمية قبل أن يبني بغداد. روى عن أنس وخلق. قال أيوب السختياني: ما تركت بالمدينة أفقه منه. وكان يحيى القطان يقدمه على الزهري. وقال ابن المديني: له نحو ثلاث مائة حديث. سنة أربع وأربعين ومائة فيها سار جيش العراق والجزيرة لغزو الديلم وعلى الناس محمد بن السفاح. وحج بالناس المنصور. وأهمه شأن محمد بن عبد الله بن حسن وأخيه إبراهيم لتخلفهما عن الحضور عنده. فوضع عليهما العيون وبذل الأموال وبالغ في تطلبهما لأنه عرف مرامهما وجرت أمور يطول شرحها. وقبض على أبيهما فسجنه. وفيها توفي سعيد بن إياس الجريري البصري محدث البصرة. روى عن أبي الطفيل وعدة. وساء حفظه قبيل موته. ويكنى أبا مسعود. وفي آخرها أو في أول سنة خمس توفي عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمس بالمدينة في حبس المنصور وله اثنتان وسبعون سنة. روى عن أبيه وعبد الله بن جعفر. قال الواقدي: كان من العباد وله شرف وهيبة ولسان سديد. وفيها توفي فقيهُ الكوفة أبو شُبْرُمة عبد الله بن ُشْبُرمة الضبي القاضي. روى عن أنس قال أحمد العجلي: كان عفيفًا صارمًا عاقلًا يشبه النُساك شاعرًا جوادًا. وفيها عقيل بن خالد الأيلي مولى بني أمية وصاحب الزهري. لقي عكرمة وطائفة. وكان حافطًا ثبتًا حجة. وفي ذي الحجة مُجالد بن سعيد الهمداني الكوفي صاحب الشعبي. كتبوا حديثه. وقد خرح له مسلم في صحيحه مقرونًا بآخر. سنة خمس وأربعين ومائة فيها ظهر محمد بن عبد الله بن حسن. فخرح في مائتين وخمسين نفسًا بالمدينة وهو على حمار. وذلك في أول رجب. فوثب على متولي المدينة رباح وسجنه. وتتبع أصحاب رباح. ثم خطب الناس وبايعه بالخلافة أهل المدينة قاطبةً طوعًا وكرهًا. وأظهر أنه قد خرج غضبًا لله وما تخلف عنه من الوجوه إلا نفر يسير. واستعمل على مكة عاملًا وعلى اليمن وعلى الشام فلم يتمكن عماله وكان شديد الأدمة ضخمًا فيه تمتمة وندب المنصور لحربة ابن عمه عيسى ابن موسى وقال: لا أبالي أيهما قتل صاحبه لأن عيسى كان ولي العهد بعد المنصور عقد له ذلك السفاح. وكان المنصور يود هلاكه ليولي مكانه ولده المهدي. وسار عيسى في أربعة آلاف وكتب إلى الأشراف يستميلهم ويمنيهم فتفرق عن محمد بن عبد الله ناس كثير. وأشير عليه باللحاق بمصر ليتقوى منها. فأبى وتحصن بالمدينة. وعمق خندقها. فلما أظله عيسى قال: قد أحللتكم من بيعتي. فإن هذا قد جاء في عَددٍ وعُددٍ. فتسللوا عن محمد وبقي في طائفة فراسله عيسى يدعوه إلى الإنابة ويبذل له الأمان فلم يسمع. ثم أنذر عيسى أهل المدينة ورغبهم ورهبهم أيامًا ثم زحف على المدينة فظهر عليها و بادر محمدًا وناشده الله ومحمد لا يرعوي. قال عثمان بن محمد بن خالد: إني لأحسب محمدًا قتل بيده يومئذ سبعون رجلًا. وكان معه ثلاث مائة مقاتل. ثم قتل في المعركة وبعث عيسى برأسه إلى المنصور. وفيها خرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بن حسن بالبصرة وكان قد سار من الحجاز إلى البصرة فدخلها سرًا. في عشرة أنفس. وقد جرت له أمور غريبة في اختفائه وكان ربما يقع به بعض الأعوان فيصطنعه. فإنه دعا إلى نفسه سرًا بالبصرة حتى بايعه نحو أربعة آلاف. وجاءه خبر ظهور أخيه بالمدينة فوجم واغتم. ولما بلغ المنصور خروجه تحول فنزل الكوفة حتى يأمن غائلة أهلها. وألزم الناس بلبس السواد وجعل يقتل كل من اتهمه أو يحبسه. وكان بالكوفة ابن ماعز يبايع لإبراهيم سرًا. وتهاون متولي البصرة في أمر إبراهيم حتى اتسع الخرق. وخرج إبراهيم أول ليلة من رمضان وتحسس منه سفيان متولي البصرة. وأقبل الخلق الى إبراهيم من بين ناصر وناظر. ونزل سفيان بالأمان ووجد إبراهيم في الحواصل ست مائة ألف. ففرضها لأصحابه خمسين خمسين. وبعث عاملًا على الأهواز ليفتحها. وبعث آخر إلى فارس وآخر إلى واسط. فجهز المنصور لحربه خمسة آلافٍ عليهم عامر المسكي. فكان بين الفريقين عدة وقعات. وقتل خلق من أهل البصرة وواسط. وبقي إبراهيم سائر رمضان يفرق العمال على البلدان ليخرج على المنصور من كل جهة فتق. فأتاه مصرع أخيه بالمدينة قبل الفطر بثلاث. فعيد بالناس وهم يرون فيه الانكسار. وكان المنصور في جمعٍ يسير وعامة جيوشه في النواحي. فالتزم بعدها أن لا يفارقه ثلاثون ألفًا. فلم يبرح أن رد من المدينة عيسى بن موسى. فوجهه لحرب إبراهيم. ومكث المنصور لا يقر له قرار. وجهز العساكر ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة. وكل يوم يأتيه فتق من ناحية. هذا ومائة ألف سيف كامنة بالكوفة ولولا السعادة لثل عرشه بدون ذلك. وكان ذلك صقرًا أحوذيًا مشمرًا ذا عزم ودهاء. وعن داود بن جعفر قال: أحصي ديوان إبراهيم بالبصرة فبلغوا مائة ألف. وقال غيره: بل قام معه عشرة آلاف فلو هجم بالكوفة لظفر بالمنصور ولكنه كان فيه دين. قال: أخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير وكان أصحابه مع قلة رأيه يختلفون عليه. وكل يشير برأي إلى أن التقى الجمعان بباخمرا على يومين من الكوفة. فاشتد الحرب. واستظهر أصحاب إبراهيم. وكان على مقدمة جيوش المنصور حميد بن قحطبة. فانهزم وجعل عيسى بن موسى يثبت الناس قد بقي في مائة من حاشيته. فأشاروا عليه بالفرار. فقال: لا أزل حتى أظفر أو أقتل. وكان يضرب به المثل بشجاعته ثم دار أبناء سليمان بن علي في طائفة وجاءوا من وراء إبراهيم. وحملوا على عسكره. قال عيسى: لولا ابنا سليمان لافتضحنا. ومن صنع الله أن أصحابنا انهزموا. فاعترض لهم نهرٌ ولم يجدوا مخاضة فرجعوا. فوقعت الهزيمة على أصحاب إبراهيم حتى بقي في سبعين وأقبل حميد بن قحطبة فحمل بأصحابه. واشتد القتال حتى تفانى خلق تحت السيف طول النهار. وجاء سهم غرب لا يدرى من رمي به في حلق إبراهيم فأنزلوه وهو يقول واجتمع أصحابه يحمونه. وأنكر حميدًا اجتماعهم وحمل عليهم. فتفرقوا عن إبراهيم فنزل جماعة واحتزوا رأسه. وبعث به إلى المنصور. وذلك في الخامس والعشرين من ذي القعدة وعمره ثمان وأربعون سنة. وكان قد آذاه يومئذ الحر وحرارة الزردية. فحسرها عن صدره فأصيب في لبته. ووصل إلى المنصور خلق منهزمين وهيأ النجائب ليهرب إلى الري وكان يتمثل: ونصبت نفسي للرماح درية إن الرئيس لمثل ذاك فعول فلما أسرعوا إليه بالبشارة وبالرأس تمثل بقول معقر البارقي: فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عينًا بالإياب المسافر قال خليفة: خرج مع إبراهيم: هشيم وأبو خالد الأحمر وعيسى بن يونس. وعباد بن العوام ويزيد بن هارون وكان أبو حنيفة يجاهر في أمره ويأمر بالخروج. قال أبو نعيم: فلما قتل هرب أهل البصرة برًا وبحرًا واستخفى الناس. وفيها خرجت الترك والخزرج بباب الأبواب وقتلوا واستباحوا بعض أرمينية. وفيها أمر المنصور فأسست بغداد. وابتدىء بإنشائها ورسم هيئتها و كيفيتها أولًا بالرماد وفرغت في أربعة أعوام بالجانب الغربي وتحول إليها المنصور في سنة ست وأربعين قبل تمامها. وبغداد في وقتنا أكثرها من الجانب الشرقي. وفيها توفي الأجلح الكندي من مشاهير محدثي الكوفة. روى عن الشعبي وطبقته.
وفيها وقيل في سنة ست إسماعيل بن أبي خالد البجلي مولاهم الكوفي الحافظ. أحد أعلام الحديث. سمع أبا جحيفة وابن أبي أوفى وخلقًا وكان صالحًا ثبتًا حجة. وفيها حبيب ابن الشهيد البصري. روي عن الحسن وأقرانه وأرسل عن أنس وجماعة. وكان ثبتًا كثير الحديث. وفيها عمرو بن ميمون بن مهران الجزري الفقيه. أخذ عن أبيه مكحول وكان يقول: لو علمت أنه بقي علي حرف من السنة باليمن لأتيتها. وفيها عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي الكوفي الحافظ. أحد المحدثين الكبار. وكان شعبة جلالته يتعجب من حفظ عبد الملك. روى عن أنس فمن بعده. وفيها عمر بن عبد الله مولى غفرة عن سن عالية. روى عن أنسٍ والكبار. قال أحمد: أكثر حديثه مراسيل وليس به بأس. وقال ابن معين: ضعيف. وفيها محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني. روى عن أبي سلمة وطائفة. وكان حسن الحديث كثير العلم مشهورًا. أخرج له البخاري مقرونًا بآخر. وفيها يحيى بن الحارث الذماري مقرىء دمشق وإمام جامعها. قرأ على ابن عامر. وروى عن واثلة بن الأسقع وخلق. وورد أنه قرأ القرآن أيضًا على واثلة وعليه دارت قراءة الشاميين. وفيها يحيى بن سعيد التيمي تيم الرباب الكوفي. وكان ثقة إمامًا صاحب سنة. روى عن الشعبي ونحوه. سنة ست وأربعين ومائة في صفر تحول المنصور فنزل بغداد قبل استتمام بنائها. وكان لا يدخلها أحد أبدًا راكبًا حتى إن عمه عيسى بن علي شكا إليه المشي فلم يأذن له. وفيها توفي أشعث بن عبد الملك الحمراني مولى حمران مولى عثمان. روى عن ابن سيرين وغيره وكان ثقة ثبتًا حافظًا. أما أشعث بن سوار فكوفي فيه ضعف. وكذا أشعث الحداني الراوي عن أنس ليس بالقوي. وفيها عوف الأعرابي البصري. وكان صدوقًا شيعيًا كثير الحديث. روى عن أبي العالية وطائفة. وفيها محمد بن السائب أبو نضر الكلبي الكوفي صاحب التفسير والأخبار والأنساب. أجمعوا قال ابن عدي: ليس لأحد أطول من تفسيره. وفيها هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الفقيه أبو المنذر الأسدي المدني. أحد أئمة الحديث. أدرك عمه عبد الله بن الزبير وقال: مسح ابن عمر رأسي ودعا لي. قال وهيب: قدم علينا هشام بن عروة. وكان مثل الحسن وابن سيرين. وفيها أو في التي تليها يزيد بن أبي عبيد صاحب سلمة بن الأكوع ومولاه بالمدينة. ن سبع واربعين ومائة فيها بدعت الكفرة الترك بناحية إرمينية وقتلوا أممًا. ودخلوا تفليس. فالتقاهم المسلمون فلم ينصروا. وهرب أميرهم جبريل بن يحيى وقتل مقدمه الآخر حرب الريوندي الذي تنسب إليه الحربية ببغداد. وفيها ألح المنصور وأسرف وتحيل بكل ممكن على ابن عمه ولي العهد عيسى بن موسى بالرغبة والرهبة حتى خلع نفسه كرهًا. وقيل بل عوضه عشرة آلاف ألف درهم. وعلى أن يكون أيضًا ولي عهدٍ بعد المهدي بن المنصور. وفيها توفي عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي حدث عن مجاهد وجماعة. وفيها انهدم الحبس على الأمير عبد الله بن علي عم المنصور الذي هزم مروان وافتتح دمشق. وكان من رجال الدهر حزمًا ورأيًا ودهاءً وشجاعة. سجنه المنصور مدة. وقيل إنه قتله سرًا وهدم الحبس قصدًا. وفيه الإمام أبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري المدني. وكان أوفق إخوته وأفضلهم وأكثرهم علمًا وصلاحًا وعبادة. روى عن القاسم وسالم ونافع. وفيها هشام بن حسان الأزدي القردوسي الحافظ محدث البصرة وصاحب الحسن وابن سيرين. قال ابن عيينة: كان أعلم الناس بحديث الحسن. وقيل: كان عنده ألف حديث. سنة ثمان وأربعين ومائة فيها توجه حميد بن قحطبة في جيش كثيف إلى ثغر إرمينية. وفي آخرها توفي الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق ولد أبي جعفر محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي. وأمه فروة ابنه القاسم ابن محمد بن أبي بكر. فهو علوي الأب بكري الأم. روى عن أبيه وجده القاسم وطبقتهما. وكان سيد بني هاشم في زمانه. عاش وفي ربيع الأول توفي الإمام أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش. روى عن ابن أبي أوفى وأبي وائل والكبار. وكان محدث الكوفة وعالمها. قال ابن المديني: للأعمش نحو ألف وثلاث مائة حديث. وقال ابن عيينة: كانأقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بالفرائض وأحفظهم للحديث. وقال يحيى القطان: هو علامة الإسلام. وقال وكيع: بقي الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. قال الخريبي: ما خلف أعبد منه. وفيها شبل بن عباد قارىء أهل مكة. وتلميذ ابن كثير. حدث عن أبي الطفيل وطائفة. وفيها عمرو بن الحارث المصري الفقيه. حدث عن ابن أبي مليكه وطبقته. قال ابن وهب: ما رأيت أحفظ منه. وقال أبو حاتم الرازي: كان أحفظ الناس في زمانه لم يكن له نظير في الحفظ. وفيها محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي القاضي عالم أهل حمص. أخذ عن مكحول وعمرو بن شعيب وخلق. وقال: أقمت مع الزهري عشر سنين بالرصافة. وقال محمد بن سعد: كان أعلم التابعين بالفتوى والحديث. وفيها العوام بن حوشب شيخ واسط. وروى عن إبراهيم النخعي وجماعة. قال يزيد بن هارون: كان صاحب أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. وفيها في رمضان قاضي الكوفة ومفتيها أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الفقيه لم يدرك أباه. وسمع الشعبي وطبقته. قال أحمد بن يونس: كان أفقه أهل الدنيا. قلت: وكان صاحب قرآن وسنة. قرأ عليه حمزة وكان صدوقًا جائز الحديث. وفيها محمد بن عجلان المدني. روى عن أبيه وأنس وطائفة وكان ناسكًا صادقًا. له حلقة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم للفتوى. روى له مسلم مقرونًا بآخر.
|